السؤال :
بعض المشاركين فى المنتديات يقومون بنقل موضوعات قد
كتبها أشخاص آخرون بأقلامهم إلى منتدياتهم و ينسبونها لأنفسهم ..
فهل يُعد هذا من السرقة ؟ و ما جزاء مَن يفعل
ذلك عند الله سبحانه و تعالى ؟ و هل أصحاب هذه الموضوعات سيقتصون منهم يوم
القيامة ؟
أجاب عن السؤال: الشيخ/ خالد بن سعود الرشود
(قاضي في ديوان المظالم)
الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه
أجمعين أما بعد : فيجب نسبة القول إلى قائله لثلاثة
أوجه :
1- أن في ذلك تبرئة لذمة الناقل من تبعات ذلك القول ، ومن هنا وُجد علم
الإسناد ، ليَسلم الناقل والمنقول من تبعات النقل ، فإن كان صحيحا سلم
الناقل وإن كان سقيما سلم المنقول عنه ولهذا قيل : مَن أسند لك فقد حملك ،
أي حملك الأمانة في التحقق من صحة السند لبيان صحة القول ونسبته ، روى
الغزالي أن الإمام أحمد سُئل عمن سقطت منه ورقة كتب فيها أحاديث أو نحوها ،
أيجوز لمن وجدها أن يكتب منها ثم يَردّها ؟ فقال : لا ، بل يستأذن ثم يكتب
.
2- أن هذا من الأمانة التي يجب ردها إلى أصحابها وقد قال تعالى : "إن الله
يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" وفي نسبة القول إلى نفسه خيانة
للأمانة قال سبحانه : "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا
أماناتكم وأنتم تعلمون" ونسبة القول إلى نفسه خيانة لتلك الأمانة وكذب في
نفس الوقت ، فإن كان القول صوابا فهو لم يقله ، وإن كان خطأ تحمل تبعته
لنسبته القول إلى نفسه من غير تحقق .
3- أن الذي ينسب محاسن أقوال الناس إلى نفسه كالمتشبع بما لم يُعط ، وقد
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه : "المتشبع بما لم يُعط
كلابس ثوبي زور" .. ذكر ابن عبد البر في جامع التحصيل ج 1 ص 98 عند شرح هذا
الحديث : وقال حماد ولا أعلم المدلس إلا متشبعا بما لم يُعط ، وقال جرير
بن حازم أدنى ما يكون فيه أنه يري الناس أنه سمع ولم يسمع وقال عبد الله بن
المبارك لأن أخِر من السماء أحب إلي من أن أدلس.. اهـ .
قال ابن منظور في بيان معنى قوله : "الـمتشبّعَ بما لـم يُعْطَ " هو الذي
يقول أُعْطِيتُ كذا لشيءٍ لـم يُعْطَ ، فإما أَنه يَتَّصِفُ بصِفاتٍ لـيست
فـيه ، يريدُ أَنَّ اللَّه تعالـى مَنَـحه إِيّاها ، أَو يُريد أَنَّ بعض
الناسِ وصَلَهُ بشيءٍ خَصَّه به، فـيكون بهذا القول قد جمع بـين كذبـين
أَحدهما اتّصافُه بما لـيس فـيه ، أَو أَخْذُه ما لـم يأْخُذْه ، والآخَر
الكَذِبُ علـى الـمُعْطِي ، وهو اللَّهُ ، أَو الناسُ . (لسان العرب ج 1 ص
247) .
ومما سبق يُعلم حُرمة هذا العمل ، و إثم صاحبه إذا فعل ذلك . والله أعلى وأعلم .
.
.